الأربعاء، 16 فبراير 2011

ألف سلامة عليك ...أيها الرئيس


وسام البحيرى يكتب: ألف سلامة عليك ...أيها الرئيس

الأربعاء، 16 فبراير 2011 - 18:16
الرئيس السابق محمد حسنى مباركالرئيس السابق محمد حسنى مبارك
Bookmark and Share Add to Google
سيدى الرئيس محمد حسنى مبارك.. ريس مصر السابق ألف سلامة على صحتك.. علمنا أنك تمر بوعكة صحية لا أعلم صدق هذا الأمر لكن نحن تربينا على السؤال عن من هم أكبر منا.. لأن العشرة لا تهن إلا على أولاد الحرام.. ألا تعرف من أنا.. أنا واحد من الشباب الذى عانى يوما من جبروت نظامك الفاسد.. أنا من انتظرت رئيسى فى العمل يقدر مواهبى غير أنى لست من أبناء الصفوة.. أنا من اعتلى مكانى من هم أقل حظاً فى التعليم والثقافة، أنا من درس وتعلم وحصل على شهادات فى الماجستير والدكتوراه.. ولم يعترف بى أحد.. أنا من كان وزيرى فى فترة حكمك لا يحمل مؤهلات تناظرنى.. أنا من تعلم فى الجامعة وجلس لمعلميه على الأرض.. أنا واحد من شبابك الذى طعم الخبز بمساميره وشرب الماء بملوثاته وأكل الفاكهة بما تحويه من سرطانات وأشياء أخرى.. أنا من جار على نظامك ولم يجر الزمان على، فقد قال كفى ما بك.

أما أبى فهو من قدم لك يوما كوبا من الشاى حينما جئت لبلدتنا وصوروك وأنت تشرب الشاى معه.. لم تعرف أنه كان يقدم الشاى لأنه أكرمك فى بيته، ولأنه تعلم هذا، ولأنه لم ينتظر منك ما كان ينتظره غيره ممن أجلستهم حولك ومنحتهم ثقتك.

جدى رجل مسن.. شاهد على كل العصور.. حكى لى التاريخ جيدا وأفهمنى أن الأرض لى وعلى أن أحافظ عليها وأحميها فى أمانة تسلم من جيل لجيل.

جدى الذى بكى على أيامنا التى ظهر فيها فساد غريب وأمراض أغرب.. جدى الذى كان يأكلها عيش وملح.. قالها زمنكم ما شفنا زيه.

بكل المشاعر الصادقة أكتب كلماتى.. وبكل دموعى أجعلها مدادا لقلمى.. وبكل الأسى أكتب إليك يا سيادة الرئيس.. منذ زمن ونحن نحاول أن نصل إليك.. أن نكتب إليك.. أن نشكو إليك منذ زمن وأنت مخدوع فى بطانتك.. منذ زمن وأنت مظلوم بسبب بطانتك.. منذ زمن ونحن مظلومون بسببهم.

سيدى وأبى الرئيس محمد حسنى مبارك، رئيس مصر سابقا.. تكالب عليك الظالم والمظلوم.. تكالب عليك الشامتون والحاقدون.. والمنافقون والمضللون.. تكالب عليك من لم ينجزوا ما أنجزته فى ستين عاما.. تكالب عليك الزمن وأوهنك المرض، ورغم ذلك لم تعترف بذلك كله.

تركت نفسك لرجل وامرأة.. وثقت فيهم وتركتهم يتحكمون فى مصائرنا استطاعوا أن يقنعوك فى العشر سنوات الأخيرة من حكمك أن الطيبين المخلصين لشعبك يريدون أن ينقضوا عليك، لم ترسم ملامح سنوات العمر جيدا، لذلك خدعت نفسك وخدعوك.

أوهموك أن السفينة لكى تسير بربان واحد هو حسنى مبارك لا بد من استمرار قانون الطوارئ، ولا بد أن يقول الشعب ما يريد وتفعل ما تريد.. انتظرناك طويلا تتحدث إلينا تستمع لمن بح صوتهم بأن الفساد استشرى وانتشر.

بأن السوس بدأ ينخر فى البلاد، بأننا لم نعد فى الرفاهية منا من كان يبيت ليال بلا طعام، ومنا من بات أعواما فى الشارع بلا مأوى، ومنا العاطلون الذى فقدوا زهرة شبابهم انتظارا لأمر من الدولة للعمل والجد، ومنا ومنا ومنا..

لكن وجدنا عكس ذلك وجدنا من يصرح من حاشيتك بأن خريجى الحقوق والآداب لهم أن يعملوا أفراد أمن.. وجدنا من يقول إن الفقر تراجع بنسبة 20 %وجدنا من يهدد باستقدام عمالة من بنجلادش، وكأننا نعمل فى دولة غير دولتنا.

كل هذا ولم تحرك ساكنا سيدى الرئيس كل هذا ولم تصدر قرارا أنك تتابع أو تحتج أو تعزل أو.. أو.. أو

لا ننكر يوما أنك صاحب الضربة الجوية التى ظللنا نمكث أعواما وأجيال نتنعم بآثارها.. وتتوجع إسرائيل بتوابعها.. لكنك قمت بها ومن بعدها استكمل أبطال مصر العبور، وتحطيم القيود فلك الفضل ولشعبك مصر العظيم كل الفضل.

لا ننكر يوماً أنك كنت عقلية فذة فى التحاور مع الغرب والشرق واستعدت مكانة مصر التى فقدت بعد معاهدة السلام، التى يلهث خلف أمثالها الآن العرب ويقدمون تنازلات لا تشفع لعدو غادر.. لأنه لم يجد مثلك محاوراً ومحارباً عظيماً فى السلام والحرب. لكن سيدى أهينت فى عهدك كرامة المواطن المصرى تسمع عن تعذيبه فى سجون الدول العربية، وعن انتهاك حرماته ولا تحرك ساكنا.

لا ننكر أبى أنك جعلتنا نحيا فى سلام وأمن.. كنا فى اطمئنان على أرواحنا وأهلينا.. حتى لو كنا نعانى من فقر أو جوع.. لكن كنا ننعم بالاستقرار الذى لا يقدر بأموال ولا يوزن بذهب ولا فضة.

لكن من كان يريد البوح بما فى نفسه نجد زبانيتك الجلادين. إن أياما عشناها منذ فرار مساجين وقطاع طريق وانتشار أعمال سلب ونهب تقدر كلامى هذا، فقد عشنا أياما مرعبة.. بلا راحة بال، وبلا نوم، وبلا أمن، ولا أمان كنا نتوجس خيفة فى كل من يمر لجوارنا أو يركب وسيلة مواصلات معنا، عرفنا مقدار الأمن والأمان الذى كنا نحياه.. لكن لم نعرف طعم الحرية.. أردت لنا أن نستكن فى أماكننا دون المطالبة بالحق فى الحرية والكرامة تماما كمن سجن وله الزاد وليس له الحرية.

أبى وسيدى الرئيس مبارك.. تاريخك مشرف وعظيم.. أفخر به ويفخر به كل أبنائك الشرفاء الذين لا ينكرون حقك فى التكريم.

أبى عذرا فى كلماتى إليك.. لا أعرف كيف أتحدث إليك؟ لأن فيه نوعاً من العتاب.. وكيف أعتب عليك يا أبى؟ وكيف يعاتب الابن أباه؟ ألا يعد هذا من قبيل عقوق الوالدين؟ فليغفر لى ربى هذا العقوق لكن لا بد من التحدث لأبى الرئيس مبارك بعتاب المحب لحبيبه وبعتاب الابن لأبيه.

سيدى وأبى.. لم تعترف يوما بأن العمر يجرى.. وأن الإنسان غير مخلد وأن كل إنسان له دور محدد فى محطات الحياة يؤديه على أكمل وجه ليسلم ربان السفية القيادة لربان آخر ليواصل الدوارن مع الزمن.. مشكلتك سيدى الرئيس.. أنك اعتقدت يوما أن أبناء مصر عاجزون عن قيادة أنفسهم بأنفسهم.. تسرب إليك هذا الشعور لا أدرى من أين لكن بالتأكيد من بطانة السوء الذين أحاطوا بك.. والذين نجدهم فى كل زمان ومكان.

مشكلتك سيدى أنك من شدة الخوف علينا قتلتنا دون أن تدرى.. حينما فصلت المثقفين والمتدينين ورجال الفكر ووضعتهم فى السجون والمعتقلات، ظنا منك أن هؤلاء خطر على الأبناء المدللين الذين ينعمون فى السهر والشات والدردشة والإنترنت، وظننت أن الأولاد السيس ليسوا خطراً على الرئيس.. ظننت أن هؤلاء المثقفين والمفكرين والعلماء والمتدينين هم أسباب البلاء لمصر.. تخيلت أو صوروا لك هذا.

أحس هؤلاء بالتفرقة وأدرك هؤلاء أنك تخاف عليهم خوفاً لا مكان لهم، فثار الاثنان عليك.. الأول يريد أن يحيا كغيره المثقف يعبر عن رأيه بلا خوف، والعالم يجد متنفساً لإبداعه وابتكاره، والمتدين يصلى فى أى مكان يظهر بلحيته أو تظهر بنقابها تعمل به وتتحرك به.. والآخر السيس مل التدليل يريد أن يتحرك بنفسه.. لا يريد الخوف الزائد.. ثار الأبناء على أبيهم.. واليوم لا نبحث عن أسباب العقوق فهى معروفة.. خدعت نفسك أو خدعوك حينما وثقت فى بطانتك وجعلتهم يتصرفون فى البلاد كيف يشاءون.

خدعوك حينما أوهموك أنهم سيؤمنون لك الانتخابات لتكون فى صالحك.. خدعوك حينما قالوا إن ترك الفساد والرشوة لتسير أمر البلاد شىء طبيعى.. خدعوك حينما قالوا إن اقتصادنا يتحسن يوماً بعد يوم.. خدعوك حينما قالوا إن البلاد لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية.. خدعوك حينما قالوا إن رصاصاً مطاطياً وقنابل مسيلة للدموع قادرة على تفريق متظاهرى 25 يناير.. خدعوك فى كل لحظة.. وللأسف مع كبر السن وتقدم العمر وأصبحت البلاد همومها كثير وجدناك مضطراً لأن تصدقهم.. وجدناك مضطراً لأن تلقى بمقاليد الأمور فى أيديهم.

وكانت النتيجة ضاعت مصر ومقدراتها وثرواتها.. نهبوها.. تعاقدوا مع إسرائيل على بيع الغاز إليهم واستوردوا مبيدات مسرطنة.. باعوا أراضى مصر الغالية للعملاء، قسموا البلاد فيما بينهم.. كل هذا وأنت جالس فى قصرك مطمئن لأنهم هم المصلحون الخائفون على بلدهم مصر.. أما الأولاد الصغار فهم مهملون لن يقدروا قيمة الوطن.

امتلكوا الوطن بلا صك ولا عقد، امتصوا رحيقه، زيفوا حاله وواقعه.. وكانت العبارة الشهيرة بأنه كله تمام.. سيدى الرئيس السابق.. رحلت عن قصرك وتخليت عن بقايا من وثقت فيهم يوما بل هم من تخلوا عنك.. لن يذكروك بخير، سيتهمونك أنك رأس الأفعى، وأنك المسئول عن ذلك كله، وبمباركة منك.

لكننا نحن أبناء مصر أولادك.. سنذكرك بكل خير.. لأن كثيراً من الآباء يتجاوزن فى حق أبنائهم.. لكن مع ذلك نغفر ونسامح، ونترحم على الأموات منهم، وندعو بالصحة والعافية لمن بقى منهم على قيد الحياة.

سنذكرك رغم ما عانيناه فى السنوات الأخيرة من بطش الشرطة وتعسفها وانتشار الرشوة والفساد والأمراض المسرطنة، وانتشار الإباحية والخلاعة وبيع مصر لغير أهلها. سنذكرك رغم كل ذلك.. سنذكرك كأعظم رئيس حافظ على بلاده من سيطرة المعادين لها والطامعين لها ولخيرها.. وسنذكر خير أيامك وشر أيامك.. نترحم على الحسن منها ونحمد الله تعالى أن أزاح عنا شرها.

نعم سنترحم على هذه الأيام حينما يصعد على الكرسى المنتفعون الذين كانوا يوما يصيحون بأنهم مضطهدون وبأنهم مظلومون ستنتهى فصول المسرحية. لقد صنعنا نحن -شباب 25 يناير- خطوات إيجابية نحو الثورة على الفاسدين، لكننا سنسقط نسأل الله تعالى ألا نسقط فريسة المخادعين والناهبين لإنجازاتنا.. السيد الرئيس السابق لجمهورية مصر العربية.. شفاك الله وعافاك.. مثلما شفانا الله وعافانا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق